جهة سوس و مرض الهوية الطفولي ..!

الجريدة نت25 أكتوبر 2018
جهة سوس و مرض الهوية الطفولي ..!

عبد الرحمان آيسن / فاعل من تزنيت
يمثل صعود خطاب ” مرض الهوية و الانقسامات ” بجهة سوس ماسة جنوب المملكة أحد بوادر النزعة المتطرفة التي تعد اساسا أحد اهم مداخل تفكك الشعوب ، اذ باتت وصفة ناجحة وسريعة المفعول لإخفاء الجامع الوطني للمغاربة الممثلة في الثالوث (الله ، الوطن ، الملك) تعمل على خدمة الاجندة الخارجية ، و قد برهنت التصريحات لأحد ممثلي الاحزاب المغربية المشكلة للحكومة من اعلى هرمها الى شبيبتها (حزب التجمع الوطني للأحرار) بحسب ما نقلته العديد من الصحافة الوطنية  حول موضوع “الامازيغية “و رفض تسمية شوارع مدينة اكادير بأسماء فلسطنية تأكيدا على مرض مزمن أضحى يعصف بالفاعل السياسي و الخواء الحاصل .
مما لا شك فيه أن البعض بهذه التصريحات العلنية المرتبطة بالخارج  تعاود انتاج  زمن الاستعمار “الظهير البربري” كما اطلق عليه ، و كاد ان يثبت نجاعته لولا الوعي الجمعي المتقد للمغاربة و كدا الالتفاف حول نظامه السياسي ،  لكنها نجحت في التشقق الهوياتي و الشفونية و تضخيم الامور و محاولة فرقعتها  كدق الخناجر و الشتائم على حزب مغربي يقود الحكومة (حزب العدالة و التنمية ) و اتهامه ضمنيا بأبشع الاوصاف الحطة عبر تسميم الهوية الوطنية المغربية و الحاق الضرر بالوعي الجمعي للمغاربة و ادخالهم في فوهة التعصب و الامراض .
لا ادعي شيء او أِؤنب فئة ضد اخرى ، لكن الانسان من طبيعته يحب مكانه و شارعه و ازقته و هواءه …  فأني مثلا احب “تيزنيت ” و لا يمكن استبدالها و تحديدا هويتي الامازيغية أكثر من الجزائر و العربية السعودية و احب وطني الاكبر العربي اكثر من القوميات الاخرى … لأن هنالك هوية حضارية جامعة لنا ، لكن لا يوجد مبرر أخر أكثر من الانسانية ، فمحاولات التفتيت التي يسعى اليها البعض يجب ان تتحول الى الديمقراطية و العدالة ثم اخراجها الى المحبة من جماعة فاسدة تستغل اللغة و الهوية اداة للقمع و الاقصاء و النهب بمسميات عدة ، فالوطن الجامع لنا بشكله الحالي ذرف المغاربة دمائهم الغالية من أجله ، فليس مجرد مفهوم غامض أو مجرد ، بل هي معايير مشتركة تتأصل من التقاليد المغربية و ممارسة تعد مصدرا للفخر وواقع التطور في البلد و ليست ميزة للتفرقة أو الافضلية على الباقي من الموطنين .
 بالرغم من طفو هذه التصريحات المتعصبة على تراب المملكة إلا أنها قد تكون لها مداخيل لفتح نقاش وطني نحو تغيير هذه الادوات للكراهية و العدوانية  محاولة ادخالنا الى انغلاق غبي ، بالتأكيد أن هذا المرض المتعصب الشوفيني قوامه التحايل على الواقع و الفشل في ادارة حكومة البلاد أو الاعداد للمرحلة المستقبلية ، لكن لها منعرجات سوداء و لنا في ( أكراد تركيا و ايران و العراق و سوريا…و جنوب السودان …) دلائل حية ، فبكل صدق أن هؤلاء الذي يحملون هذه الشعارات الزائفة  المتطرفة و نحن ضمن مملكة لها تاريخ  بهويتنا الاصيلة … قد  اصاب عقلهم لحس و لا يعرفون بما ينطقون ، فلا يعدو بحسب تقديري كونه جدال في مستشفى للأمراض العقلية يحاول كل طرف توصيف حالة الاخر بعدم الصالحية من عدمها ، فهذه الحالة الطافية تؤكد على خلل في بيئة السياسيين في نشر الكراهية و التحريض و العنف و توزيع شهادات الولاء و الخيانة  . 
لا أخفي الارتياح و التفاؤل بعدم التعاطي التمويهي المضلل  لحزب (العدالة و التنمية المغربي ) مع هذه المطارحات الفوق واقعية ، بل المطلوب من توليد أعباء النضال الوطني هو الادراك و الفهم الصحيح الصادق للمستقبل خلافا ممن حرموا من نعمة الادراك و الفهم  ، فنحن بحاجة الى صيغة قيم شجاعة تعالج الحاضر و المستقبل و تحقق العدالة الاجتماعية و أولويات المواطنين الملحة كخيار الجهوية الموسعة التي دعى اليها جلالة الملك محمد السادس التي تعطي دفعة أكبر للتلاحم و الوحدة و اعلاء هامة و شأن الوطن و سيادته ، بالتالي  تتصدى لكل المشاريع الممولة من الخارج التي تهدف الى تدمير هوية المغاربة و تبدر بذور العداء و تقسيم الدولة على اسس مناطقية .
 اخيرا علينا الادراك كمغاربة  خاصة للبعض ، ان هويتنا نعتز بها دون تحديدها  لأننا يجب التأكيد هنا على المساواة امام القانون و كتابة تاريخنا بشكل افضل نرويه للآجيال الصاعدة بشكل ايجابي حفاظا على المكتسب الاني و المستقبلي باعتبار ان الدولة الوطنية لا تتحقق بالإكراه و الشحن و العدوانية أو الاغتراب من الثقافة المغربية الذي ترفع من لهجات التمييز و المظلومية الزائفة المنعدمة في تاريخنا السياسي المغربي ، و هذا بصراحة يبعث على الحزن و الاسى و الاحباط للفاعل السياسي رغم التشجيع الحامل لاشرقات متنورة  لصاحب الجلالة في افتتاح الدورة التشريعية اكتوبر 2018 .
يمكن تفهم ردة فعل بعض أفراد هذا الحزب المتعاطي  للشوفونية و توزيعه الوطنية نتيجة طموح سياسي في منطقة سوس ماسة ، لكن هذا المرض الطفولي لا يؤسس للدولة الحديثة و لا لمجتمع تعددي بل يؤذي الى كيان سياسي متمترس حول فكرة عنصرية يندر بالحروب و الانقسام الداخلي ، فبالنهاية أي تصور لهكدا طروحات عنصرية القائمة على أداة الهوية المتعصبة و الساعية الى تأسيس خطاب لم يألفه المغاربة من قبل يُعد بوابة للجحيم التي سارت عليها الفاشيات السابقة و في عدة تجارب للدول ، معه يجب اعادة النظر في هذه الاشكالات و التصريحات  ، فالمغرب له جامع وقيادة سياسية حكيمة ملتف حوله أمازيغ و عرب مسلمين و يهود  .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.